وصف رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي في أول مقابلة له مع وسيلة إعلام عربية خلال برنامج مع تركي الدخيل على شاشة العربية زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى اليابان بـ”التاريخية”، حيث تعتبر الزيارة الأولى لعاهل سعودي منذ 46 عاماً. وأكد آبي أن السعودية أكبر دولة تزود اليابان بالنفط، مشيرا إلى التعاون في مجالات عدة بين البلدين، أهمها الاقتصاد وأمن الطاقة والتعليم وتنمية الموارد البشرية.
وتحدث رئيس الوزراء الياباني خلال المقابلة عن آفاق التعاون مع السعودية في ظل رؤية 2030، مؤكدا أنه أثناء زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى طوكيو في سبتمبر الماضي اتفق على صياغة مفهوم “الرؤية اليابانية السعودية 2030”.
وأضاف آبي للزميل تركي الدخيل أن زيارة الملك سلمان لليابان ستكون سببا كبيرا في التطور السريع للعلاقات بين البلدين، مشيرا إلى أن المملكة مليئة بالطاقات البشرية الهائلة والمتطورة، لذا نريد تعزيز العلاقات مع السعودية لمزيد من الإصلاحات نحو التطور.
إلى نص الحوار:
– اليابان الشريك الثاني للسعودية بعد الولايات المتحدة الأميركية وهي أكبر مصدر للبترول لليابان ما يمثل 30 بالمئة من حاجيات اليابان. منذ زيارة الملك فيصل اليابان عام 1971 إلى زيارة الملك سلمان 2017 كيف تقرأون العلاقة مع السعودية؟
تعتبر هذه الزيارة لصاحب الجلالة الملك سلمان بن عبد العزيز إلى اليابان زيارة تاريخية، لكونها أول زيارة ملكية منذ 46 عاماً، في ذلك العام زار اليابان الملك فيصل بن عبد العزيز – رحمه الله – وقد زار بيت جدي، نوبوسوكيه كيشي، الذي كان حينها رئيسا للوزراء، ولذلك أشعر بوجود هذه الرابطة القوية مع الأسرة الملكية السعودية. إن المملكة العربية السعودية أكبر دولة تزود اليابان بالنفط ومنذ إقامة علاقات دبلوماسية بيننا، فقد تضافرت جهود كلا البلدين في تطوير هذه العلاقات التي تتمحور حول قضية أمن الطاقة.
كما أنني أوليت شخصيا أهمية كبرى لهذه العلاقات. وقد زرت المملكة في الفترة الأولى من رئاستي، تلتها زيارتنا إليها إثر تعييني رئيسا للوزراء لفترة ثانية. كما يسعدني أن أقول لكم إن هذه العلاقات لا تقتصر على مجال النفط فحسب بل قمنا بتعزيز علاقاتنا وتطويرها في مجالات واسعة النطاق مثل الاقتصاد، والتعليم، وتنمية الموارد البشرية، وبالإضافة إلى ذلك فقد تم الإعلان عن سعينا إلى المضي قدماً في تعزيز أطر التعاون في مجالات أوسع مثل السياسات الخارجية والتعاون في المحافل الدولية.
وبفضل زيارة جلالته التاريخية، أعتقد أننا نستطيع أن نتوقع تطورا سريعا في هذه العلاقات. وقد قررنا مع جلالته في هذه المرة رفع مستوى العلاقات القائمة بيننا إلى الأعلى، أي لأن نصبح شريكَيْن استراتيجيَّيْن.
فالسعودية حاليا مليئة بطاقة بشرية هائلة ومتطورة بكثافة فئة الشباب ديمغرافيا، لذلك نريد تعزيز هذه العلاقات مع السعودية التي تعتزم المضي بالإصلاحات نحو التغيير والتطور.
أعتقد أن هناك قواسم مشتركة بيننا وبين السعودية في العمل الذي يستقبل فيه الشباب التطورات الجديدة من أجل التنمية مع الاحترام والمحافظة على تقاليد بلادهم. نحن نتطلع إلى مزيد من تطور هذه العلاقات القائمة على المصالح المشتركة من خلال مجهوداتنا اليومية لتعزيزها.
– لديكم رؤية مستقبلية لليابان شرعتم في تنفيذها وبالمقابل هنالك في السعودية رؤية تعرف بـ2030، ما هي آفاق التعاون الياباني في ظل هذه الرؤية؟
لقد أقر كلا البلدين بأهمية بناء مجتمع يعرف كيف يستفيد من التنوع، وأثناء زيارة سمو الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي إلى اليابان في سبتمبر من العام الماضي، اتفقنا مع سموه على صياغة مفهوم الرؤية اليابانية السعودية 2030، وتحديد المشاريع الأولى التي سيتم إطلاقها. وستتعاون اليابان لإنجاز “رؤية السعودية 2030” حكومة وشعبا بصفتها شريكاً مهماً في شتى المجالات لإحداث التحول الذي تسعى حكومة المملكة لتحقيقه.
وقد انتهزنا هذه الزيارة التاريخية لجلالة الملك سلمان إلى اليابان، فقمنا بتحديد صياغة “الرؤية اليابانية السعودية 2030”. وتهدف هذه الرؤية إلى الملاءمة بين “رؤية المملكة 2030” المتمثلة في تخفيض الاعتماد على النفط وإيجاد فرص عمل من جهة واستراتيجية النمو التي تتبناها اليابان من جهة أخرى. وعلى كلا البلدين مواصلة التعاون البنّاء في مختلف المجالات وبذل قصارى جهدهما من أجل التطور.
– يتحدث العرب بإعجاب عن التجربة اليابانية التي تدرس في أغلب المناهج في العالم العربي، هل اليابان معنية بتعميم هذه التجربة ومساعدة الدول النامية على الأخذ بها؟
أود أن أشكركم على احترامكم لتاريخ اليابان. نعم لدينا تاريخ طويل، ولكن لو نسلط الضوء على التاريخ بعد الحرب وقد بذل أسلافنا في اليابان أقصى جهودهم وحققوا – بعد التدمير الشامل الذي حدث في الحرب العالمية الثانية تنمية اقتصادية هائلة وصلت إلى أن تصبح اليابان ثالث أكبر اقتصاد في العالم، وكذلك من الأنظمة الديمقراطية التي تعمل من أجل الحرية والسلام.
إنني أرى أن الفضل يعود إلى السياسة المسالمة التي انتهجتها اليابان، وفي نفس الوقت الأهمية الكبرى التي أولتها اليابان لتنمية الموارد البشرية.
بالمقارنة مع حالاتنا اليوم، كان هناك عدد كبير من الشباب الذين ولدوا بعد الحرب مباشرة. لقد بذل أسلافنا قدرات وإمكانات حتى يتطور هذا الجيل للمساهمة في تنمية بلدنا. لذلك أرى أن حالة اليابان الحالية تعود بالأساس لعملية تطوير الموارد البشرية.
وعلمنا أن المملكة العربية السعودية تضع أهمية كبرى لتنمية الموارد البشرية من جهة، ومن جهة أخرى تتعاون اليابان مع مختلف الدول في هذا المجال وكذلك في مجال الرعاية الصحية.
وبطبيعة الحال، استقرار المنطقة والسلام فيها لهما أولويات مطلقة، ولذلك الدور الذي تلعبه المملكة العربية السعودية في منطقة الشرق الأوسط مهم للغاية، فاليابان تولي اهتماماً كبيراً لحكمة أسلاف العرب التي تقول “خير الأمور أوسطها”، لذلك نعول كثيرا على المملكة التي تلعب دورها الراشد في المنطقة بناء على موقفها المعتدل.